نوقشت في كلية الحقوق - جامعة تكريت اطروحة دكتوراه في القانون الخاص للطالب ( علاء فالح مطر) والموسومة ب ( أثر تغير الظروف على القوة الملزمة لعقد الاستثمار - دراسة مقارنة )
تمثل العقود وعلى مر العصور المصدر الأهم في مجال الالتزام، إذ إنها الأوسع انتشارا واستعمالا في الوقت نفسه، إذ يصف العقد الإرادة الحقيقية للأفراد واتجاهها لإنشاء الالتزام، ويكون للعقد من دون مخالفة النظام العام والآداب العامة من القوة الملزمة ما لا يمكن لأحد التدخل فيه حتى بالنسبة للقاضي نفسه، الأمر الذي جعل العقد يقف على هرم مصادر الالتزام على المستوى الوطني والدولي معا. من بين تلك العقود ذات الأهمية البالغة هو عقد الاستثمار الذي كان وما يزال موضع اهتمام المشرع على المستويين الوطني والدولي، بل أفردت له أحكام خاصة، وعدم الاكتفاء بالقواعد العامة المنظمة للعقود، من ذلك قيام الدولة بإصدار تشريعات خاصة بعقد الاستثمار، وإبرام الاتفاقيات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف، بغية خلق بيئة آمنة للمستثمر، كل ذلك للخصوصية التي يتمتع بها عقد الاستثمار من حيث أهميته على المستوى الاقتصادي وكذلك طول مدته ورؤوس الأموال الكبيرة التي يتم استثمارها فيه. فالعقود بصورة عامة تعترض تنفيذها أحيانا مجموعة من المغيرات التي تعرقل تنفيذها، فنكون أمام أمرين، الأول: قاعدة العقد شريعة المتعاقدين، التي توجب تنفيذ العقد على وفق ما اتفق عليه أطرافه، والثاني هو: وجود الظروف المؤدية إلى استحالة التنفيذ أو إلى الإرهاق الشديد بالنسبة للمدين، وأكثر العقود عرضة لتلك المغيرات هي عقود الاستثمار بحكم طول مدتها، فالمغيرات هنا تحدث ارباكا في العقود ولا تدعها تكمل وضيفتها الأساسية التي عقدت من أجلها وتؤدي إلى اختلال التوازن الاقتصادي. تزداد أهمية عقد الاستثمار لاتصافه بالدولية، إذ غالبا ما يكون أحد أطرافه أجنبيا، يبحث عن الأمان لاستثماراته في البلد المضيف له، إذ يبحث عن المنظومة التشريعية التي تكفل له ذلك الأمان، ولاسيما إذا صاحب تنفيذ العقود مجموعة من المغيرات التي تغير واقعها، كل ذلك يكشف عن عجز قواعد التشريع الوطنية في مواكبة المستجدات المتعلقة بالبيئة الاستثمارية، إذ صاحب تطور عقود الاستثمار تطور في مفهوم المغيرات المؤثرة على تنفيذ العقد أيضا، ففي الوقت الذي يكون فيه الأثر المترتب على المغيرات المتمثلة بالقوة القاهرة والظروف الطارئة واضحة المعالم بالنسبة للقواعد الوطنية فإن الامر يختلف فيما يخص العقود الدولية، إذ إنّ تلك الحلول لا تنسجم مع عقد الاستثمار، الأمر الذي يحتاج إلى بيان المعالجات والحلول التي تم إيجادها لمواجهة المغيرات المؤثرة على القوة الملزمة للعقد، والوقوف على مفاصل عدم التلائم فيما بين القواعد الوطنية والقواعد الدولية .

6
