نوقشت في جامعة تكريت رسالة ماجستير للطالب عمار عبيد دخيل، الموسومة (ملامحُ السردِ في شعر هِزبْر محمود).لم يكن الشعر بمنأى عن التأثر والتطور، فقد تنقّل بين أطوار كثيرة، متأثراً بالعوامل السياسية، والاجتماعية، والفكرية، وغيرها، وصبَّت فيه روافدُ شتى فأغنته، فكان للشعر الفعل البليغ في الآداب التي عاصرته، أو جاورته، فأخذ منها، وأعطاها بسخاءٍ، وتنوعت أساليبه بتنوع الأصول المعرفيةِ التي استقى منها الشعراء، وتفاوتت بتفاوت الأَعصر والأذواق، فصار الشعر العربي الحديث يستثمر كثيراً من وسائل التعبير السردي والدرامي، من حوار ووصف وحدث وشخصيات ومكان وزمان وما إلى ذلك، حتى أصبح من الصعب العثور على شعر خالص لم يخالطه سرد، أو سرد خالص لم يلذ بالشعر، وإن ذلك لا ينفي أن كلاً منهما مستقل عن الآخر وإن اقتربا، ويبقى الشعر -على الرغم من إفادته من المجاور الإبداعي- جنساً مستقلاً له موضوعاته وسماته الخاصة، فهو لم ينسلخ من أصالته العربية، بقدر ما انسلخ عن بعض التقاليد التي عملت على تقييد الشعر، لاسيما في ضوء حركة التجديد التي شملت جميع جوانب الحياة، وجعلت الشعر الحديث يفيد من فنون متعددة منها الرسم، والنحت، والتصوير، كما تأثر وأثر في كلٍّ من القصة والرواية.
وتوصلت الرسالة إلى نتائج عديدة منها:
١- يفيد هزبر محمود من تداخل الشعر والسرد في تطوير لغته الفنية، وتجريب أشياء أخرى تنفتح على إبداعات وقدرات سردية جديدة ومتطورة، من خلال الإفادة من كل التقنيات السردية التي تنتقل بعمله من حدود الاعتماد الكلي على ثوابت الجنس الواحد إلى الانفتاح على الأجناس الأخرى.
٢- حاول هزبر محمود في التعبير الشعري أن يتسلل إلى عوالم جديدة، متجاوزاً الشكلية السائدة في القصيدة العربية القديمة من خلال استجلاب كل ما من شأنه أن يضفي جمالية فنية على نصه الشعري، الذي يملك قابلية استجلاء التغيير، عن طريق تداخل السردي بالشعري لدى هزبر، الذي حقق لقصيدته إثراء كبيراً.
٣- يظهر اهتمام الشاعر بالمتلقي بشكل واضح، فقد عمد على تفكيك قصائده العمودية وإضفاء علامات التشكيل البصري عليها، فالاهتمام بالمتلقي أدى مفعوله في هندسة النص بصرياً، لأن التشكيل يسهم في خلق وعي قرائي، يفتح خيال القارئ على دلالات جديدة، ليتمكن من إعادة إنتاج النص بطرائق مختلفة، حسب آلة المعرفة التي تعينه على سبر أغوار النص، واستكناه الدلالات.


