نوقشت في جامعة تكريت رسالة ماجستير للطالبة صفيه ظافر محمد احمد والموسومة(شـرح نظـم الأمـالـي للعلامة داود بن محمد القارصي (ت1169هـ) -دراسة وتحقيق)
خلاصة البحث:
الحمد لله العظيم الجليل الكريم الرحمن، الأحد في ذاته الواحد في صفاته المتفرد في أفعاله ذي الجلال والإكرام والفضل والإنعام والاحسان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المحمود الذي قام بأعباء الرسالة والتبليغ الأعم، فبلغ القيل الأقوم والكلام الإلهي الأعظم، وأفصح بالبيان عن معانيه العظيمة الحسان، صلاةً وسلامًا دائمين باقيين متلازمين إلى أن يرث الله الأرض ومَنْ عليها وهو خير الوارثين، ورضي الله عن الآل والأصحاب وتابعيهم بإحسان إلى يوم الحساب.
أما بعد
فإنَّ الأصل الاقتداء بسيد الأنبياء، وذلك يعلم باتِّبَاعِ آثار العلماء العاملين الأولياء، الذين قاموا بتحرير المعاني مما جاء في الكتاب والسنة من البيان، فقام المحققون من أعلام هذه الأمة العلوم بتدوين مهمات المسائل في العقائد الإسلامية وبقية العلوم، وحرروا أدلتها، في مصنفات ضمنوها الدقائق وطرزوها بالحقائق من المنهل القرآني وبيان الرسول العذب الصافي، ومن هذه المصنفات منها ما هو منشور ظاهر، ومنها ما هو كامن خافي، فلم يظهر إلى العيان وبقي أسير بطون المخطوطات والمكتبات.
ولما كانَ نظم الأَمالي من أَهمِّ متون العقائد في مدرسة الحنفية التي تبناها أبي منصور الماتريدي، وظل شرحها الذي هو في الأصل لصغار الطلاب مما يعني أنَّ فهمه سهل على جل القراء، على الرغم من اختصاره شمل جميع الجوانب ومسائل أبواب العقيدة، فوقف القارصي على العبارة، وحقق ودقق في الإشارة، ويعتبر من المتأخرين الحذاق فكانت عبارته أسهل على أهل هذه القرون المتفرقة على تفاوت الأذواق، كان من لوازم الاهتمام والإنصاف إخراج هذا الشرح من طوق الأصداف فينتفع به الطالب والقارئ، وتنتظم لآلئه بحلية مرصوفة جديدة.
فكانَ عملي في هذا المخطوط هو إخراج شرح نظم اللآلئ لداود بن محمد القارصي كما أرادها الشارح من خلال تصحيح الكلمات والعبارات بوساطة المقابلة بين النسخ وإرجاع ما أحاله الشارح إلى مظانه من موارده المعتمدة عنده وتحقيق المصطلحات الواردة وإثبات ما رجح واستقر عليه مذهب الحنفية العقدي، مع تقديم أعرف فيه الناظم والشارح .
وكان من أسباب اختياري لهذا العنوانِ: هو انتشار المذاهب المتشددة في العقائد فانتشر في البلاد الإسلامية تكفيرَ المسلمين بعضهم لبعضٍ ووصل الحال إلى الاقتتال، فوجب إخراج علوم العلماء المشهورين من أهل السداد والتوفيق، الذين صنفوا في القول الحق في العقائد للحفاظ على تماسك الأمة من التفكك والانهيار، والوقوف بوجه المتطرفين الغالين في مسائل الدين ، فوجدت في تحقيق شرح اللآلئ في العقائد وإخراجه الى النور ردًّا على هؤلاء المُغرَّرِ بهم، ونشر العقائد الحقة ليندفع به الفكر الضال المعاند.
هذا وقدْ قسّمتُ هذه الرسالة إلى قسمينِ:
فكانَ الْقِسْمُ الْأوَّلُ منها: القسم الدراسي، فقد اشتمل على فصلين:
كان الفصل الأول منها: لترجمة حياة صاحب منظومة بدء الأمالي، الشخصيةِ والعلميةِ.
وأما الفصل الثاني: فكانَ لترجمةِ حياةِ شارح المنظومة العلامة القارصي وشرحه، حيثُ اشتمل على التعريفِ بحياته الشخصيةِ، وعصرهِ، وحياته العلمية، ودراسة عن شرح القارصي على منظومة بدء الأمالي، ومنهجي في التحقيق، ووصف النسخ الخطّية.
وأمّا القسم الثاني: فكان للنصِّ المحققِ، حيثُ اشتمل على نصِّ شرح بدءِ الأمالي للعلامة القارصي كاملاً من أول الكتابِ إلى آخره.
ثمَّ ختمتُ الرسالة بفهارسَ علمية ليسهلَ على الباحثين الرجوع إلى مرادهم بسهولةٍ.وفيما يأتي أهم النتائج والتوصيات.
نظم الأمالي، منظومة في العقائد على منهج أبي منصور الماتريدي على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، والناظم: سراج الدين، أبو محمد علي بن عثمان بن محمد بن سليمان بن علي التَّيمِي، الأوشي الفَرغَاني، الشهيدي، الحنفي، (ت: بعد سنة: 569هـ)، وأصله من (أوش) من بلاد فرغانة من بلاد ما وراء النهر، وهي في أوزباكستان.
نظم الأمالي قصيدة معروفة مقبولة متداولة بين العلماء وهي قصيدة لامية اشتملت على قواعد العقائد الاسلامية، وقد اشتملت على معظم مسائل العقيدة رغم صغر حجمها، وقد اعتنى العلماء بها بالشرح والتعليق والتدريس إلى يومنا الحاضر، فقد شرحها كبار العلماء وأوضحوا معانيها وفكوا مبانيها، منهم الفخر الرازي، ومحمد الخراز، وخليل بن العلاء البخاري، وابن جماعة، وابن دمرداشن والملا علي القاري، علي بن عبد الباقي بن قاضيخان، والعلامة داود بن محمد القارصي، والسندوبي، وابن الأشرف، ومحمد الحلبي، وحناني زادة، وعبد الحميد الآلوسي.
العلامة داود بن محمد القارصي هو من علماء الحنفية ولد ونشأ في بلاد الروم وأصله من مدينة (كارس) في تركيا على حدود أرمينيا ثم انتقل الى استانبول وتتلمذ على علماءها ثم انتقل إلى مصر وأقام بها للتدريس إلى وفاته بعد سنة (1169هـ).
ثبت من خلال الدراسة والبحث أن هذا الشرح هو للعلامة داود بن محمد القارصي، وهو شرح على نظم بدء الأمالي للأوشي في العقائد، واسم الشرح هو: (شرح قصيدة الأمالي لداود بن محمد القارصي، ت: 1169هـ).
لم نقف على أسماء الشيوخ الذين تتلمذ عليهم العلامة داود بن محمد القارصي، وكذلك لم نقف على اسم تلميذ له، ولم يذكر أصحاب التراجم شيئًا عن مناصبه ولا عائلته.


