نوقشت في كلية الحقوق - جامعة تكريت رسالة ماجستيرفي القانون العام للطالب ( علاء عدنان حماد ) والموسومة ب ( المسؤولية الجنائية الناشئة عن استخدام تقانات الذكاء الاصطناعي )
أصبح استخدام تقانات الذكاء الاصطناعي في العصر الحالي والاعتماد عليها في إنجاز الكثير من المهام والأعمال, واقعاً مفروضاً في حياة البشر, مما أثار العديد من الصعوبات لا سيما ما يتعلق منها بتنظيم وتحديد المسؤولية الجنائية الناشئة عن هذا الاستخدام, والمتعلقة بأفعالها التي تشكل جرائم, سواءً كانت نتيجة قدراتها التي تصل خطورتها إلى بناء خبرة ذاتية تمكنها من اتخاذ قرارات منفردة في المواقف التي تواجهها مثل الإنسان الطبيعي, أو التي ترتكبها نتيجة الاستخدام المتعمد أو الخاطئ من قبل الإنسان, لذا اقتضت الدراسة تحديد ماهية تقانات الذكاء الاصطناعي, من خلال تعريفها وبيان أبرز تطبيقاتها المستخدمة في الواقع العملي والعالم الافتراضي, وما يترتب على استخدامها من إيجابيات وسلبيات, وكذلك أنواعها من حيث قدراتها المشابهة للقدرات البشرية والوظائف التي تؤديها, وما تنفرد به من خصائص فريدة ذات الصلة بالمسؤولية الجنائية, من ثَمّ بيان إشكالات إسناد المسؤولية الجنائية عن الجرائم التي تتسبب فيها, عن طريق تطبيق النظريات الفقهية المعمول بها في هذا الشأن, وإيضاح أبرز التصورات الفقهية الحديثة للمسؤولية الجنائية عن استخدامها, ومدى إمكانية منحها الشخصية القانونية التي تؤهلها لتكون محلاً للمسؤولية الجنائية, عارضين في ذلك وجهات النظر المؤيدة والمعارضة في هذا الشأن, مع بيان وجهة نظرنا الشخصية, وبيان الأحكام الجنائية الموضوعية لأفعال تطبيقاتها, من ثَمّ الجرائم التي كشف عنها الاستخدام الفعلي لهذه التقانات والجرائم محتملة الوقوع في الواقع العملي والعالم الافتراضي, والأطراف المتسببين فيها والعقوبات التي توقع عليهم, سواءً كانت المسؤولية الجنائية ثابتة في شأن التصنيع أو البرمجة أو الاستخدام, أو كانت ثابتة في شأن تقانات الذكاء الاصطناعي ذاتها, على فرض منح تطبيقاتها الشخصية القانونية ووصولها إلى مرحلة الإدراك والإرادة البشرية )
تتجسد أهمية الموضوع محل الدراسة في انتشار تقانات الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات الحياة, ومع هذا الانتشار الواسع ازدادت تطبيقاتها المستخدمة والمتمثلة بالآلات والبرامج الذكية, مما قد يؤدي إلى تسببها في ارتكاب الجرائم, الأمر الذي يستلزم تحديد الشخص المسؤول جنائياً عنها, سواءً كانت نتيجة فعل صادر عن الإنسان, أو نتيجة قدرتها على تبني القواعد والمعايير الخاطئة بصورة مستقلة, لما تتمتع به من خصائص فريدة تمنحها القدرة على محاكاة السلوك البشري
وقد توصل الباحث في نهاية الدراسة إلى جملة من النتائج والمقترحات كان من أهمها
1 – على الرغم من انتشار استخدام تقانات الذكاء الاصطناعي في كافة مجالات الحياة, إلا أن التشريعات الجنائية ومنها التشريعات العراقية, لم تتضمن تعريفاً لهذا المصطلح, إلا أنها ركزت على أنه محاكاة لذكاء الإنسان في إيجاد آلات تقلد أفعال البشر.
2-لتقانات الذكاء الاصطناعي العديد من الخصائص التي تمكنها من محاكاة الذكاء البشري في الاستقلالية, والتفكير والإدراك, والتنبؤ والتكيف, والتعلم المستمر.
3 – تتميز تقانات الذكاء الاصطناعي عن غيرها من التقانات التقليدية الأخرى, بأنها لا تحتاج إلى برمجة تحدد الطريق الذي يجب عليها أن تسلكه مسبقاً, إنما تحتوي برمجتها على خوارزميات وبيانات تمكنها من تحقيق النتيجة بقدر من الاستقلالية عن طريق خاصية التعلم الآلي, والتدريب على جولات من التجربة والخطأ.
5 – عدم كفاية النصوص القانونية في قانون العقوبات العراقي لتنظيم وتحديد المسؤولية الجنائية والعقاب عن الجرائم المترتبة على استخدام تقانات الذكاء الاصطناعي.
واوصى الباحث ب:
1 – ضرورة مواكبة التشريعات الجنائية الحالية ومنها قانون العقوبات العراقي للتطور الحاصل في مجال تقانات الذكاء الاصطناعي, بإدخال تعديلات تشريعية تتلاءم مع الجرائم المستحدثة التي من الممكن أن يتسبب بها استخدام تطبيقاتها.
2- تشديد العقوبات على الجرائم الناتجة عن استخدام تقانات الذكاء الاصطناعي, لخطورتها على المجتمع والمتمثلة بصعوبة دفعها أو تجنبها من قبل المجنى عليه, نتيجة عدم التوازن في القدرات الجسدية والفكرية.
3 - وضع ضوابط تحدد معايير صناعة وبرمجة واستخدام آلات وبرامج الذكاء الاصطناعي, بغية تحديد المسؤولية الجنائية لكلاً من المصنع والمبرمج والمستخدم, عن الجرائم التي من الممكن أن تتسبب بها هذه التقانات.

