نوقشت في جامعة تكريت / كلية التربية للعلوم الانسانية اطروحة الدكتوراه للطالبة منتهى مشرف عليوي العزاوي ، الموسومة (الطيف في الشعر الاندلسي في عصر الطوائف (من400 الى 484هـ).ان الأدب بشكل عام، والشعر بشكلٍ خاص، صفةٌ إنسانيةٌ تَصف مواقف الإنسان الشعورية، وردود أفعاله على متغيرات الحيا، فيحاول تصوير حالات النفس، من فرح وحزن وشوق وأمن وخوف، وتعبّر عن تجاربها الوجدانية التي يجد فيها الآخرون ملاذَهم الشعوري الذي يسكنون إليه، اذ يعد هاجس الطيف من أهمّ المظاهر التي تعتري النفس الإنسانية ، ولا تخلو نفسٌ من هذا الشعور ،لذلك كان له حيزه الشعري العربي عامة والاندلسي خاصة بهذا الهاجس الوجداني ،وصوًّر مظاهره ومنابته وغاياته ،وقد تنوع هذا الإحساس باختلاف الظروف التي يمر بها الإنسان ،فاختلفت بواعثه من شاعر إلى آخر ،ومن حقبة زمنية إلى أخرى بحسب المواقف والظروف وطريقة الانفعال والتعبير . وتسعى هذه الدراسة الى الكشف عن الطيف ودوافعه وآلياته وفضاءه في الشعر الأندلسي ،وبيان مدى احتفاء الّشعراء الأندلسيين بموضوع الطيف بوصفه وسيلة للتعبير عن أحاسيسهم ومشاعرهم تجاه ما يفتقدونه من أصحاب وأحباب ،وأماكن وأزمنة كانت تشكل جزءاً كبيراً في حياتهم.
وقد توصلت الاطروحة الى نتائج عديدة منها :
1- شكل الطيف جزءاً مهماً من القصيدة الأندلسية، إذ وضح الشعراء من خلاله عن مشاعرهم وعواطفهم، ليأتي الطيف معوضاً عن الحرمان والفقد والغربة التي يشعرون بها.
2- يُعد الدافع الوجداني للطيف من اهم الدوافع لاستدعاء الطيف لدى الشعراء، فهو من المواضيع التي تعبر عن وجدان الشعراء ،ويعبر فيه الشاعر عما في داخله، وقد شكل الطيف ظاهرةً مميزةً عند شعراء عصر الطوائف، ولعب دوراً أساسياً في تصوير مكنوناتهم الشعرية، فظهرت تجليات الطيف على وفق أبعاد تصورية مختلفة، وقد حضر الطيف المختبئ خلف نفسية الشعراء للحبيبة والوطن والأهل والأصدقاء ، بصور جميلة ومعبره.
3- كان دافع الشوق والحنين يوقد رغبة الشعراء في استحضار الماضي الممزوج بأيام الصبا والمغامرات عن طريق الطيف ، كما ينمي الفراق الرغبة لدى الشعراء على عودة الزمن قبل تلك اللحظات التي قد تكون أصعب مما تخيلها ، وتأتي لحظة الوداع التي لا تُنسى لتدفع الشعراء إلى توثيق تلك التجربة الذاتية المثيرة للإحساس والشجون ،فالشاعر الأندلسي كان قادراً على إعادة تشكيل عالمه وصياغته عبر ذلك الطيف فالمجتمع الأندلسي وما يتمتع به من طبيعة خلابة شكّلت بقعة جيدة لنمو الأحلام الممتعة.
4- شكل دافع الاغتراب الدور الأساس لدى الشعراء في استدعاء طيف الماضي المعبر عن أماكن الصبا والأهل والأصحاب، وأن الكبت النفسي كان ينمو لدى الشعراء فيجبرهم على تقبل اللحظات الصعبة في حياتهم ويعوضونها بخيالهم الكبير، وتتشكل لحظات التفكير والتأمل وهي تدفع الشاعر إلى الإحساس بقوة استحضار الطيف في شعره.
