جرت مناقشة اطروحة دكتوراه في قسم اصول الدين للطالب احمد يونس صديق عن رسالته الموسومة " مناظرة اهل الكتاب في الاندلس خلال القرن الخامس الهجري _ عرض ودراسة "
فإنّ للمناظرات الدينية أهمية كبيرة على كثير من المستويات، ولها الدور الكبير في انتشار الدين، وتوسع رقعة العالم الإسلامي، وهي مدخل للحوار ولفهم الطرف الآخر، وقد خاض فيها العلماء على مر العصور، ومن بينهم علماء الإسلام في الأندلس، فهم الذين قعدوا لأصولها، وكانت لديهم وسيلة هامة لرد ضلالات المشككين ودفع أوهام المخالفين، وطمأنة قلوب المؤمنين. وقد اشتملت حدود الدراسة الحدود المكانية والزمانية في تلك الحقبة، وهي الآتي:
1_ حدود الدراسة المكانية: تشمل أراضي الأندلس في جنوب أوربا، التي فتحت في العصر الأموي، وانتقل إليها المسلمون الفاتحون، وانضم إليهم المسلمون الجدد من أهل الكتاب المقيمين فيها، بعد ما وجدوه من الرحمة والعدالة في الاسلام.
2_ حدود الدراسة الزمانية: امتد الحكم الاسلامي للأندلس منذ الفتح عام 92هـ/711م، واستمر حتى سقوط غرناطة آخر معقل للإسلام في الاندلس سنة 898هـ/1492م، وتخللها عدد من الانظمة السياسية التي قامت في الاندلس بدءاً بعهد الولاية وانتهت بسلطنة غرناطة، فشملت حدود الدراسة الزمانية سقوط الخلافة الأموية وعهد ملوك الطوائف الذي برز فيها العلماء المسلمون . وختمت الاطروحة بأهم النتائج التي توصل اليها الطالب
1_ المناظرة: هي نشاط فكري ولغوي, وفن حضاري، يحصل بين شخصين أو جماعتين مختلفتين يقصد كل طرف منهما إثبات صحة رأيه بالحجة في موضوع معين؛ وذلك ليظهر الحق، مع احترام الآراء من كلا الجانبين أياً كانت دياناتهم أو مذهبهم أو اعتقادهم.
2_ كان الجدل العقائدي انموذجاً رائدا للمستوى الحضاري المتقدم الذي ساد الأندلس في تلك الفترة .
3_ لم يكن هناك دافع لإثارة الجدل العقائدي بين الإسلام وأهل الكتاب في الأندلس؛ لان المسلمين أدخلوا اهل الكتاب في الوظائف الادارية .
4_ كان النصارى أول الفتح منشغلين بالجدل بينهم، بين طائفة الأريوسية من القوط والأرثدوكسية، ما شغلهم عن الجدل مع المسلمين.
5_ إن التقارب بين النصارى والمسلمين أدى إلى دخول أفواج منهم في الإسلام، بعد أن وجدوا فيه الحق
6_ إن تعلم أهل الكتاب اللغة العربية ساهم في نشر العقائد والفكر الإسلامي في أوساطهم،
وخرجت الاطروحة بشيء من التوصيات التي يسترشد بها الباحثون في هذا المجال أو قد تساهم في تطوير دراسة علم مقارنة الأديان، وهي كما يأتي:
1_ توعية المسلمين في المجتمعات بأهمية تطبيق الشريعة الاسلامية والالتزام بها في مختلف جوانب الحياة؛ لان تطبيقها يضع حلولاً مثلى يمكنها تحقيق التعايش بين المسلمين وغير المسلمين .
2_ ضرورة الاستفادة من اجواء التعايش في الدعوة إلى الله تعالى ونشر العقيدة الإسلامية الصحيحة.
3_ ضرورة التوسع في انشاء الأقسام الخاصة بعلم مقارنة الأديان، والتوسع في مناهجه ومفرداتها، وتزويدها بالمصادر والمراجع .
4_ عقد المؤتمرات والندوات والحلقات العلمية المتخصصة في علم مقارنة الأديان، وعلى الأخص المناظرة، لطلبة العلم وأئمة المساجد والجوامع، بما يجعلهم على دراية عالية وإمكانية جيدة في مواجهة التكليف بالرد على الاباطيل والتصدي للهجمات الفكرية، دون التوغل في المشاحنة التي تثير العداء والبغضاء في صفوف المجتمع، والتي قد يجعل الله تعالى في نهايتها اسلام المناظرين من غير المسلمين، فتتحقق الغاية الأسمى والأجر الثابت عنده سبحانه وتعالى.


