نوقشت في جامعة تكريت رسالة ماجستير للطالب محمود سامي عباس الجبوري ، الموسومة(طرق صناعة البناء وعناصرها في الاندلس خلال عصري الامارة والخلافة ( 138_422هـ / 755_1031م ) دراسة تاريخية _ تحليلية).كما هو معروف للمهتمين بتاريخ الاندلس جميعهم والمختصين به ان اهتمام الدارسين والباحثين فيه ، اذ يتم التركيز بشكل كبير وواضح في دراسة الجوانب السياسية والادارية والعلمية والادبية ، دونًا عن بقية الجوانب الاخرى التي كان البحث فيها على مستويات متفاوتة في الاهمية والتركيز . اذ تهدف الدراسة الحالية الى البحث في طبيعة ومظاهر صناعة البناء والكشف عن قيمتها واهدافها وتأثيراتها وخصائصها ودور العاملين فيها ، وتأتي اهمية هذه الدراسة كونها تُسلط الضوء على النتاج العمراني الهائل في عصري الامارة والخلافة الذي كان له اثرًا مميزًا في الارتقاء بمستوى الحياة العامة للأندلسيين سيما الاجتماعية والاقتصادية منها ، وهو ما كان له نتائجًا إيجابية عديدة ساهمت بشكل فعال في تقدم المدن الاندلسية واقاليمها في .
وقد توصلت الرسالة الى نتائج عديدة منها :
$11- اثبتت الدراسة ان مفهوم صناعة البناء أكثر خصوصية وأكثر تركيزًا من مفهوم البناء والعمارة ، فصناعة البناء تعد من اهم الصناعات التي زاولها الانسان ولا غنى له عنها ، وهي تختلف في صيغها وتخطيطها ومظاهرها وأنماطها وتنميقاتها من مجتمع الى آخر ومن شخص الى آخر ، واهميتها تعادل وتتفوق على بعضٍ من الصناعات الضرورية التي تؤمّن حياة البشر وتحميها من اجل استمراريتهم وعيشهم بكرامة وعزّة.
$12- التأكيد على ان طرق صناعة البناء وعناصرها يُقصد بها الاقسام والاجزاء المادية والحقيقية وخصائصها المحددة التي تُشكّل بمُجملها المنشآت العمرانية بأنماطها المتنوعة ومسمياتها المختلفة ووظائفها المتعددة سواء أكانت منشآت دينية ام مدنية ام عسكرية ام اقتصادية ام اجتماعية ، إذ ان لكل نمط من هذه المنشآت اصول واقسام عمرانية وبنائية خاصة بها مألوفة لا يمكن اغفالها او الاستغناء عنها في حال البناء والتشييد ، ذلك انها الصفة او السِمة التي تُميِّز البناء وتحدد هيئته.
$13- اثبتنا من خلال هذه الدراسة بالتحليل والاستنتاج ان ما يمكن ان نجده من الآثار والمنشآت العمرانية في شبه الجزيرة الآيبيرية قبل الفتح العربي والعائدة بشكل اساس الى الرومان والقوط لا يعدو ان يشكّل ما نسبته عشرون بالمائة (20%) على اكثر تقدير من تراث البلاد وآثارها في الوقت الحاضر ، وهذا باعتراف غالبية الباحثين والمؤرخين سيما الاسبان منهم ذلك ان جلَّ التراث الحضاري عامًة والعمراني خاصًة _ ان لم نقل كله _ عائدًا بشكل اساس للحضارة العربية الاسلامية العريقة ، وجهود افرادها من العرب والمسلمين الذين حكموا البلاد طيلة ثمانية قرون ونصف من الزمان.
$14- توصلت الدراسة الى التأكيد بعد البحث والتقصي العميقين على ان معظم مدن شبه الجزيرة الايبيرية ( الاندلس ) بعد فتحها على يد العرب المسلمين عام ( 92هـ / 711م ) ذات الاصل الروماني _ وهي قلة _ قد تعرضت لتعديلات وإضافات عمرانية جوهرية ( هيكلية ووظيفية ) ، ما ادى بطبيعة الحال الى غلبة الأثر العمراني الاسلامي على معالمها ومَرَافِقِها العامة والخاصة ، إذ زادت من جماليتها وحصانتها وتطورها عمرانيًا وخدَميًا ، ذلك ان معظم اطلال تلك الآثار كانت مطمورة تحت التراب حين دخول العرب الفاتحين لها . ونتيجة لهذا تغير وجه المدن كافة ( هيئتها وملامحها ) عما كانت عليه قبل الفتح العربي الاسلامي ، واصبح الطابع المعماري الاسلامي وقيَمَهُ وصنعة بنائه وتقنياتها أساس تشكيلات البلاد العمرانية وسمتها البارزة.


