جرت على قاعة القادسية بكلية التربية للبنات بجامعة تكريت مناقشة رسالة الماجستير للطالبة ( حلا عبد العزيز شهاب العيطو) والموسومة (اساليب السرد في روايات فاتح عبدالسلام)
تهدف الدراسة إلى معرفة (اساليب السرد في روايات فاتح عبد السلام) ، حيث اعتمدت الباحثة على منهج البحث القائم على الإفادة من المنهج البنيوي فضلاً على المنهج السوسيو ثقافي ومنطقه النظري. و تعد السردية الحديثة من العلوم التي لفتت انتباه الدراسات النقدية المعاصرة ، إذ استطاعت هذه الدراسات أن تؤسس معرفة متنامية للنصوص السردية في تمظهراتها المختلفة ، ولاسيما ما يتعلق بأشكال الرؤية السردية ، وتكوين البؤر السردية ومستوياتها ، وأشكال الصيغ وتراكيبها وأنماطها ، وأهم الوظائف التي تنهض بها على النحو الذي مهد لمقاربات علمية وتطبيقية للنصوص السردية على نحو عام ، والروائية على نحو خاص .
وقد قاد الانفتاح بين الأجناس الأدبية وغياب الحدود الواضحة بينها إلى استعارة العديد من التقنات والأساليب الفنية فيما بينها من أجل كتابة نصوص أدبية تتصف بالشمولية وقوة التأثير في المتلقي ، الذي لا يلمح في النص الأدبي ، أي نص أدبي شعراً كان أو نثراً ، نقاءً جنسياً خالصاً ، وقد ساعد هذا الأمر في اكتشاف أدوات تقنية وأساليب سردية محدثة لتحليل نظم السرد وتمظهراته المتعددة والمتلونة بأطياف الفنون ، من هنا جاءت دراسة أساليب السرد ، التي تكمن أهميتها في كونها تعد العنصر الأساسي والرئيس في دراسة وتحليل الرواية ، إذ لا يمكن دراسة النص الروائي دون التطرق إلى الأساليب السردية فيه .
وقد توصلت الدراسة الى عدة نتائج منها:
إفادة الكاتب والروائي فاتح عبد السلام من التنوع الأسلوبي في الكتابة الروائية ، والتي منحته إياها ثقافته الواسعة والممتدة إلى ثقافة الآخر القائمة على التداخل بين الأجناس الأدبية والفنية ، فضلاً عن حسه النقدي ، على النحو الذي مكنه من كتابة نصوص روائية تغترف من الأجناس الأخرى أساليب وتقانات أسهمت في زيادة فاعلية النصوص الروائية والتأثير في المتلقي وتنوع الاساليب السردية في روايات فاتح عبد السلام بين الاسلوب الدرامي والاسلوب الواقعي والاسلوب الاسطوري وان روايتي (عندما يسخن ظهر الحوت) و(اكتشاف الزقورة) تضمنتا جميع الاساليب السردية (الدرامي والواقعي والاسطوري) ، بينما رواية (حي لذكريات الطيور) تضمنت الاسلوب الدرامي والواقعي فقط .
حيث يعد الأسلوب الدرامي من أهم الأساليب التي اتبعها فاتح عبد السلام في الكتابة الروائية لما ينهض به هذا الأسلوب من إمكانيات تعبيرية على صعيدي الشكل والمضمون ، ولعل الظروف السياسية التي مر بها العراق والتي عاصرها الكاتب فد ألقت بظلالها على أسلوب الكاتب ، إذ كان لها دورها المهم والواضح في النصوص الروائية ، ولاسيما في بنية الحكاية ، والحوار ، واستعماله للمفارقة كونها تعبر عن حجم الصراع الذي تخضع له الذات الساردة والشخصيات التي تتقنع بها داخل الرواية ، فضلاً على عنصري الزمان والمكان اللذين قاد تعامل الشاعر معهما إلى الكشف عن طابعه الدرامي في كتابة النص الروائي .
و يشكل الأسلوب الواقعي في الكتابية الروائية لدى فاتح عبد السلام ملمحاً مهماً ، كونه يكتب عن تفاصيل واقعية وظروف سياسية واجتماعية لا تخفى على القارئ عند قراءته للروايات ، والتي تجسدت من خلال الحدث الواقعي الذي وظفه الكاتب ، ومن خلال الشخصيات الواقعية المستقاة من عمق الواقع بكل تجلياته المعبرة عن أشكال الحياة الواقعية ذاتها .
ويعكس الأسلوب الأسطوري في روايات فاتح عبد السلام طريقة جوهرية في تعامله ببناء الرواية ، إذ يختزل عبر الطقوس والشخصيات الأسطورية مجموعة التجارب الإنسانية الموسومة بتجارب آلاف السنين على النحو الذي يترك أثره الكبير على قدرة النصوص الروائية على التعبير الثري والمقنن عبر استحضار الكاتب لها في رواياته ، فضلاً عن تأثره الكبير بأسلوبها في بناء نصوص أسطورية جديدة عبر أسطرة الواقع ورفعه إلى درجة أعلى من حقيقته بما يحقق لنصوصه أعلى درجة من درجات التأثير والقيمة الفنية .
وان نصوص فاتح عبد السلام الروائية تنطوي على سمات جمالية وبنائية كبيرة بالتالي فهي حرية بالبحث والدراسة في الميدان الأكاديمي ، كونها نتاج شخصية تلمح في أعمالها ألوان متعددة من التجارب نقداً وأدباً وجمالية.