نوقشت بكلية الإدارة والاقتصاد بجامعة تكريت رسالة الماجستــير في العلوم الاقتصادية للطالب ( عيسى عبد اسماعيل ) الموسومة (فاعلية الاقتصاد الرقمي في اقتصادات الدول المتقدمة والنامية مع إشارة خاصة للعراق (دراسة تحليلية مقارنة)).
خلصت الدراسة إلى أن مفهوم الاقتصاد الرقمي من المفاهيم الجديدة التي ظهرت في الميدان الاقتصادي في وقتنا الراهن, ويعتبر تطبيق الاقتصاد الرقمي في اقتصادات الدول, أمراً مُسلّماً به ولا سيما في اقتصادات الدول المتقدمة وفي اقتصادات الدول السائرة على طريق النمو, لما له من أثر واضح في فاعلية النشاطات الاقتصادية كافة, مما جعل الاقتصاد العالمي أكثر قوة ومتانة في مواجهة الأزمات العالمية وبالخصوص الأزمة التي سببها وباء كورونا.
إذ تناولت هذه الدراسة عرض المفهوم النظري للاقتصاد الرقمي ومن ثم تحليل فاعليته في اقتصادات الدول المتقدمة والنامية من خلال مؤشراته المعتمدة من قبل الأمم المتحدة: مؤشر الحكومة الالكترونية, ومؤشر مستوى خدمة الانترنت, ومؤشر البنية التحتية للاتصالات والمعلومات, ومؤشر رأس المال البشري, ومؤشر الابتكار, ومقارنة نتائج التحليل, وبيان مستوى القيمة المضافة التي يساهم بها الاقتصاد الرقمي, وتسليط الضوء على الفجوة الرقمية بين الدول, وعملت الدراسة أيضاً على تحليل وقياس الاقتصاد الرقمي في العراق, حيث تم التعبير عن الاقتصاد الرقمي في العراق وفق أربعة مؤشرات وهي: ( الحكومة الالكترونية, مستوى خدمة الانترنت, البنية التحتية للاتصالات والمعلومات, رأس المال البشري) أما مؤشر الابتكار العالمي فلم تتوفر بيانات للعراق من خلاله, حيث تم تحليل المؤشرات أعلاه وقياس أثرها على معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي, بالاعتماد على الاساليب القياسية الحديثة المتمثلة بتحليل السلاسل الزمنية واختباراتها, التي تم الحصول عليها من خلال استخدام الأسلوب الحديث في دراسة العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية محل البحث، إذ استخدم أسلوب التكامل المشترك متعدد المتغيرات لجوهانسن 1991، وكذلك اختبار كرانجر (Granger) للعلاقة السببية وتحليل النماذج المقدرة بأسلوب تقدير متجه الانحدار الذاتي (VAR)، فضلاً عن اختباري استجابة النبضة ومكونات التباين, لمتغيرات الدراسة باستخدام برنامج (Eviewes 12) من خلال اختبار استقرارية السلاسل الزمنية بواسطة اختبار ديكي- فولر الموسع ADF)), وبعد التحليل الكمي والقياسي للمؤشرات اعلاه تبين وجود تأثير بسيط للاقتصاد الرقمي على الناتج المحلي الاجمالي في العراق, وبينت الدراسة مدى أهمية الاقتصاد الرقمي في العراق و المعوقات التي تواجهه وسبل تذليلها.
استنتج الباحث إلى أن الاقتصاد الرقمي يعدّ اسلوباً جديداً لممارسة الاعمال والنشاطات الاقتصادية من خلال استخدام التكنلوجيا الرقمية المتمثلة بالشبكة العالمية للاتصالات والمعلومات (الانترنت) وتقنيات الحاسوب والهواتف الذكية, لغرض زيادة النمو وتحسينه عن طريق تطوير القطاعات الاقتصادية كافة (الزراعية والصناعية والتجارية والمالية والخدمية ), فضلاً عن انتاج السلع الرقمية الغير ملموسة كالبرمجيات, باستعمال الوسائل والأساليب التكنلوجية الرقمية والحاسوب . ان الاقتصاد الرقمي يعدّ مرحلة جديدة من مراحل تطور الاساليب الاقتصادية, يستند على المعرفة الانسانية ويقوم عليها, أي أنه مرحلة متطورة من مراحل الاقتصاد المعرفي, يستند على مدى تغلغل وتداخل التكنلوجيا في الانشطة والقطاعات الاقتصادية, ومدى استفادة الدول من الثورة التكنلوجية والمعلوماتية, وما أدت إليه من صناعات ومكتشفات جديدة وتقنيات متطورة.
أوصى الباحث إلى ضرورة الاتفاق على تعريف موحد للاقتصاد الرقمي متعارف عليه من قبل المؤسسات الدولية والمنظمات الاقتصادية العالمية, والمؤسسات الاكاديمية, لكي يتسنى للباحثين في العلوم الاقتصادية, توحيد الأُطر النظرية للاقتصاد الرقمي وعدم الدمج بينه وبين اقتصاد المعرفة ومناقشة هذا الموضوع في المؤتمرات الاقتصادية العالمية, مع تحديد المدّة التاريخية لنشوء الاقتصاد الرقمي. لابد من توفير مرتكزات تعزز الثقة في التعاملات الالكترونية والتبادل التجاري والتسويق الرقمي, مثل إثبات هوية المتعاملين, وضمان سلامة المعلومات و الوثائق المرسلة, والمحافظة على سرية المعلومات وتعزيز الأمن السيبراني. يجب على الدول النامية ومنها العراق الانفتاح على التقدم العلمي والتقني, ووضع خطط استراتيجية وبرامج عمل لتطوير الانترنت, وتوفير البنية التحتية للاقتصاد الرقمي, ونشر ثقافة الحاسوب, وتعزيز دور القطاع المالي في جذب و توجيه الاستثمارات الاجنبية نحو القطاعات التقنية وتكنلوجيا المعلومات والاتصالات ونشر الوعي الرقمي في المجتمع, لمواكبة التطور الذي وصلت اليه الدول المتقدمة وتعزيز مساهمة الاقتصاد الرقمي في خلق القيمة المضافة وزيادة الناتج المحلي الاجمالي وتحقيق النمو المستدام.