نوقشت رسالة ماجستير في جامعة تكريت/ كلية الآداب بعنوان (موقف الولايات المتحدة الأمريكية من مفاوضات الجلاء البريطاني عن مصر 1947-1954) للطالب سلوان خلف درويش خلف.واستنتج الباحث ان الولايات المتحدة الامريكية ركزت في سياستها على تطوير مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في المنطقة فحاولت فرض وجودها والتدخل في شؤون مصر الداخلية لضمان مكانتها وذلك من خلال ايجاد جهات سياسية مؤيدة لتوجهاتها, وسعت الى كسب تأييد الشعب المصري الذي كان ناقما على سياسة الحكومة الملكية ودعت إلى تغيير النظام عن طريق ثورة سلمية وبدعم ومساندة منها من خلال التنسيق الحذر مع بريطانيا التي كانت تمثل مصدر القوة والقرار في مصر، إذ ساهمت قضية الجلاء البريطاني عن مصر بتطور العلاقات المصرية الأمريكية بشكل واضح منذ عام 1947 وهي السنة التي بدأت بريطانيا بمطالبة مصر بتسديد الديون المترتبة عليها وذلك لسد العجز في الميزانية البريطانية التي خرجت منهكة من الحرب العالمية الثانية بالرغم من انتصارها، ولأهمية قضية الجلاء الذي حاولت من خلاله واشنطن تحقيق سياسة الغرب على المدى البعيد في المنطقة العربية للحفاظ على طرق المواصلات الجوية والبحرية ولضمان تدفق النفط الخام اليها وضمان أمن (إسرائيل) في المنطقة، وبعد إلغاء مصر لمعاهدة عام 1936 مع بريطانيا في عام 1951 فقدت بريطانيا اساس تواجدها في مصر ولذلك لم تعترف بذلك الالغاء من جانب مصر ولجأت إلى سياسة المفاوضات الطويلة للحفاظ على مراكز نفوذها بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي كان لها أثر كبير في مفاوضات الجلاء عن مصر وتوصلت المخابرات المركزية الأمريكية إلى قناعة بإزاحة الملك فاروق، ودعم الضباط الاحرار لإقامة نظام حكم جديد في مصر مؤيد لها, وازاحة النفوذ البريطاني ليتمكنوا من فرض سياستهم في المنطقة، ولذلك دعمت قيام الثورة في 23 تموز 1952 واعطت الضمانات لبريطانيا بعدم تعرض مصالحها ورعاياها للخطر لعدم مساندة حكومة القصر في قمع الثورة, ورحبت بإعلان النظام الجمهوري في 18 كانون الثاني 1953، وذلك لتحقيق أهدافها وان تحل محل الاستعمار البريطاني التقليدي مستخدمة هيمنتها الاقتصادية لضمان تأييد الحكومات العربية لها، وكان لكفاح الشعب المصري أثره الكبير بدفع قضية الجلاء اذ اتجهت السياسة البريطانية والأمريكية إلى السعي للتخلص من عبء الاحتفاظ بقاعدة السويس البريطانية في وقت السلم بعد ان عجزت مواردها الاقتصادية والعسكرية عن تحمل نفقات تواجد قواتها في قاعدة قناة السويس بعد ان فقدت أهميتها بسبب المقاطعة المصرية، وادى توتر العلاقات والهجمات التي كانت تتعرض لها القوات البريطانية إلى إقناع حكومة واشنطن بضرورة التدخل في النزاع لصالح مصر وذلك لضمان مصالحها ولتوسيع العلاقات والتعاون بين الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية والتي كان اهم خطواتها تسوية العلاقات بين مصر وبريطانيا من خلال الضغط على بريطانيا للقبول بشروط مصر وهي الجلاء التام بدون قيد او شرط من وادي النيل والذي تم الاتفاق عليه في 19 تشرين الثاني 1954، على ان يتم جلاء القوات الأجنبية من مصر على ثلاث مراحل وبالفعل تم جلاء آخر جندي بريطاني عن الأرضي المصرية في عام 1956.