نوقشت رسالة الماجستير في جامعة تكريت /كلية الآداب الموسومة (لَامِيَّةُ العَرَبِ بَيْنَ شَرحَي ابْن أبي طَيّ الحَلَبِي (ت 630هـ) وسُلَيْمَان الشَّاوي (ت1209هـ) دِرَاسَة مُوازنة) للطالب ابراهيم علي ذياب.وتوصلت الدراسة الى مجموعة من النتائج :
1ـــ إنَّ هذين الشرحين ـــ المنتخب وسكب الأدب ـــ من أوسع شروح لامية العرب، التي سبقتهم زمنياً، فهما توسعا في شرح بيت القصيدة لفظاً، ومعنىً، ولغةً، ونحواً، وصرفاً.
2ـــ إنَّ الشارحين كليهما قد بدأ بمقدمةٍ لشرحه، إلَّا إنّ يحيى بن أبي طي أكثر توسعاً وحديثاً في مقدمته، أو ما سماها (خطبة الكتاب)، التي أطال الحديث فيها، إذ وصل عدد صفحاتها إلى أربعٍ وأربعين صفحة، وهذه الخطبة عرض فيها حياة الشنفرى برواياتٍ متعددة، والخلاف في نسبة القصيدة إليه، فضلاً عن حديثه عن الشعر والشعراء، والعروض، والقوافي، والقصائد. على عكس خطبة الشاوي التي كانت قصيرة، والتي لم تتجاوز الصفحتين.
3ـــ شرح يحيى قد أحاط بالقضايا اللغوية، فهو متوسعٌ في بيان معنى اللفظة، وما يعتريها من اشتقاقاتٍ، وترادف، ومشترك، وغيرها، وكثيراً ما يعرض المسائل النحوية والصرفية، وعرض آراء العلماء، فلم يأتِ شرح قبله بهذه السعة، والثقافة اللغوية. وكذلك الشاوي نجده متوسعاً في شرحه، إلّا إنَّه أكثر ترتيباً، وتقسيماً. ولكن شرح يحيى أوسع منه.
4ـــ الشارحان قد أخذا من مصادر اللغة، كالمعاجم، وغيرها، ففي قسمٍ من المواضع قد أشارا إليها، وبينا ما أخذا منها، ولم يعزيا إليها، ومن أكثر المصادر التي اعتمدا عليها، هو الصحاح للجوهري، فهما متفقان في الأخذ من هذا المعجم المهم.
5ـــ يحيى ابن أبي طي والشاوي أغنيا شرحيهما بالشواهد القرآنية، والحديثية، وكلام العرب من نظمٍ ونثر، إلّا أنَّ يحيى أكثر تنوعاً واستشهاداً من الشاوي، فهو يكثر من الشواهد لِلّفظة الواحدة، على عكس الشاوي الذي يكتفي بالشاهد الواحد، أو الشاهدين. وكذلك نجد يحيى أكثر التزاماً بزمن الاحتجاج، من حيث الزمان والمكان، والقبائل المعتد بها.
6ـــ يحيى بن أبي طي كانت غايته فقط شرح الأبيات لُغوياً، فهو ملتزمٌ بالمنهج التعليمي، وهذا ما ورثه من مشايخه، ويظهر أن البيئة التي عاشها بيئة علمٍ ومشايخ، فلم يخرج إلى قضايا أخرى إلَّا ما ندر. أمَّا الشاوي قد أضاف إلى شرحه قضايا أخرى، وأطنب فيها؛ وهذا يظهر لتأثره بالبيئة التي عاشها في زمن الحكم العثماني للمنطقة، فنراه كثيراً ما يعرض قصص وأخبار من زمانه، وخاصةً وزراء وحكام الدولة العثمانية.
7ـــ الشارحان معتدلان في مذهبيهما أغلب الأحيان، فهما لم يميلا إلى مدرسةٍ دون أخرى، فنجدهما يعرضان القضية النحوية بما يخدم السياق اللغوي، أو ما هو أنسب للغة، وفي قضية الخلاف نجدهما لم يرجحا مذهباً. لكن نلمس الشيء القليل أنهما يميلان للمدرسة البصرية.
8ـــ وأخيراً يحيى بن أبي طي وسليمان الشاوي أثريا اللغة في شرحيهما، ويُعدان من شروح لامية العرب المهمة والكبيرة، وإن لم نجد لهما صدىً كصدى شرح الزمخشري، والتبريزي، والعكبري؛ ويعود السبب لكونهما ما زالا مخطوطين إلى زمنٍ متأخر، وصعبا المنال من طلبة العلم.